ويبقى آآلرحيـــــل آآلحل آآلاخيـــــــــر

ويبقى آآلرحيـــــل آآلحل آآلاخيـــــــــر Butterfly18

و يبقى الرحيل الحل الأخير

جينما يغدر بك الزمان، حينما يقسو عليك الواقع، و حينما تجد من احببت اصبح عدوا لك ، و ان كل نظرتك للحياة كانت خاطئة ، وانك كنت ولا تزال لاشيء في نظر من كانوا لك كل شيء، و انك بتضحياتك و بحبك و بتفانيك و إخلاصك إشتريت الغدر و الخيانة و الخديعة، و ان حياتك دمرت و لم يعد لوجودك معنى، وان من دمرت لأجله لا يستحق منك حتى نظرة او ادنى.
لا تسؤلني عن الحياة بعدها، فهي محنة، هي مذلة و شقاء، هي عالم من الاحزان و الآلام، هي مصير مجهول.......
و لن اتسائل عن ما سيفعله الشخص إن وقع في موقف مشابه، لكن ما ساتساءل عنه هل كل شخص يملك القوة والقدرة على التحمل و على ان لا يلجأ لحل يعتبر الأخير و الممنوع. أو بالاحرى هل يمتلك الإيمان اكثر مما هو قوة.

الجزء الأول[

يارا لم تمتلك من الإيمان ما يجعلها تستمر في الحياة فكان ذلك هو الحل الوحيد الذي تجوَّل حول ناظريها حينما غادرت البسمة حياتها وحل الحزن والالم مكانهما،لكن ياللعجب رغم كل ذلك الحزن لم يلحظ احد ذلك فكانت الإبتسامة لا تغادر محياها تبتسم في وجه كل من يقابلها لذا كان كل اهل القرية يحبونها و يعتبرونها جميعا إبنتهم، فمساعدتها للمحتاج و تبسمها في وجه الغير جعل لها مكانه لم تكن لأحد في قلوب الجميع.
كانت تلك آخر ليلة لها في غرفتها و في الحياة بصفة عامة، اخدت قلمها و هي تحاول ان تكتب كلمات لاختها النائمة بجانبها لانها لن تراها ثانية، لكم ستشتاق لها، فكرت في حال اختها بعد مغادرتها و كيف انها ستشعر بالوحدة ،لكنها لن تستطيع الإستمرار في العيش، معها فهذا سيضرها اكثر من وحدتها، امسكت القلم لمدة كبيرة جدا لكنها لم تقوى على كتابة شيء .
اخيرا تمكنت من خط كلمتين : آسفة..... احبكِ
لم تكتب غيرهما، لقد وجدتهما معبرتين جدا عن كل مشاعر الأسى و الحب التي تخالجها.
طوت الورقة و وضعت القلم فوقها ثم توجهت لسرير اختها التي تشاركها الغرفة والتي طالما شاركتها افراحها واحزانها و كل لحظات حياتها، قبلتها قبلة خفيفة ولكم تمنت ان تحتضنها بقوة , لن للأسف لم تستطع لأنها لا تريد إيقاظها فهذا حتما سيؤجل رحيلها.
خرجت و توجهت لغرفة اختها الكبرى ندى التي كانت معيلتهم،و كانت هي الأب و الام و الأخت لاختيها و اخيها الصغير ، لم يكن لهما غيرها بعد وفاة والدهم قبل ثلاث سنوات، اما الام فقد توفيت منذ سنوات و هي تلد سامي الصغير.
تعودن الإعتماد على النفس و عشن الحياة بقساوتها بمرها وحلوها، كانت ندى ذات شخصية قوية جدا ، سهرت دائما على راحة أخواتها و على تعليمهن و توفير ما يحتجنه، و احبتهن كما لم تحب ام ابنائها، وهبتهن حنان الام و امن الأب. لكن للاسف الحياة لا تحلو دائما والقدر لا يكون كما نشاء غالباً.
لم تستطع ان تدخل الغرفة لانها خشيت إستيقاظ اختها، القت فقط نظرة من خلف الباب كانت نظرة وداع اخير،واخيرا توجهت لغرفة سامي الصغير الذي كانت تحبه جدا، كان مرافقها الدائم ، كان لها صديقا اكثر من اخ صغير ، لهذا لم تستطع المغادرة دون وداعه، دخلت ووجدته نائم بهدوء فوق سريره الصغير ، تساءلت في نفسها لما لا يمكنني ان انعم في هذه الحياة بلحظة هدوء كهذه ؟ ما كل هذا الصراخ داخلي ؟؟ لما لا اتمكن من الإستمرار بسلام؟؟ كانت لحظات جعلتها تعيد التفكير في قرارها ، لكن سرعان ما عادت كل صور الغدر و الخديعة و الألام التي تعرضت لها فتعلو غيمة سوداء عقلها و تجعلها لا ترى إلا الهجر حلا.
ضمت وليد في حضنها و هو نائم لكنه سرعان ما استيقظ
- يارا ما الذي اتى بك إلى هنا الم تنامي بعد؟؟؟
- لا حبيبي إشتقت لك صغيري و اتيت لاضمك إلى صدري قليلا هلا مكنتني .؟؟؟
احس من كلامها نوعا من الغرابة و الحزن لكنه لم يقوى على المقاومة و ادعن لها و ارتمى في حضنها.
طال العناق بينهما ثم بادرها: اختي ما بك؟؟ هل انت حزينة؟؟؟
- لا صغيري لقد اخبرتك انني إشتقت لك فقط و سأشتاق
استغرب حديثها و قال: ستشتاقين و هل انت مسافرة و لم تخبريني ؟؟
- لا حبيبي انا لست مسافرة الآن فلتعد للنوم و انا آسفة لأنني ايقظتك من نوم هادئ
-لا لا عليك انت ايضا يجب ان تنامي فالوقت متاخر اليس كذلك؟ لاننا في الصباح سنذهب في رحلة إلى الجبل لقد وعدتني ندى بذلك.
- حقا هذا رائع احب ذلك إذا نم الآن و في الصباح اتمنى لك رحلة رائعة
-انت ايضا ستذهبين اليس كذلك فأنت تحبين الجبل مروى ايضا قادمة معنا
- نعم عزيزي فقط نم انت الآن لتتمكن من ان تستيقظ باكرا.
تحسرت لانها لن تستطيع مرافقتهم إلى الجبل الذي طالما احبته لكنها لا تستطيع تأخير الرحيل فهي تعبة و اكثر.
خرجت من المنزل و كلها يطلب العودة إليه و هي متقطعة القلب على إخوتها لكن للأسف لا يمكنها إلا ان تستمر في قرارها .

ze

=25]

الجزء الثاني

في الصباح الباكر إستيقظت القرية على شمس صباح مشرقة و سماء صافية و جو ربيعي
جميل، كان سامي سعيدا جدا لان اليوم يوم عطلة و لن يذهب للمدرسة، بل سيستمتع برحلة إلى الجبل مع اخواته الثلاث، و خصوصا ياراا لتي تنفذ له كل رغباته و تلعب معه و تحبه اكثر من ندى و مروى على حسب إحساسه.
توجه للمطبخ ليتناول الإفطار مع اخواته ، فوجد ندى تعده لكن مروى و يارا لم تلتحقا بعد
-ماما يارا لم تستيقظ بعد؟؟؟
كان يناديها ماما لأنها من رباه منذ ولادته
-لا عزيزي إذهب لتوقظهما ولأننا يجب ان نخرج مبكرا للرحلة فالجو رائع اليوم
-حاضر بكل سرور
-بارك الله فيك ياعمري
قبل دخوله للغرفة بدأ بمناداتها
- ياراااا الم تستيقظي بعد؟؟؟؟
صوته المرتفع ايقظ مروى التي إستغربت منه لانها ترى سرير يارا فارغا إذا فهي قد إستيقظت و لما يزعجها هكذا؟؟
-سامي يارا ليست هنا لقد إستيقظت لأن سريرها مرتب لهذا اصمت ولا تزعجني،
دخل و قال: ماذا ليست هنا إذا اين هي ؟؟؟
- إبحث عنها في مكان آخر سامي و دعني انم كفى إزعاجا
-لا يجب ان تستيقظي انت ايضا فنحن سنذهب للجبل الم تقولي انك ستذهبين ايضا
- اه ..نعم نعم حسنا انا قادمة رغم انني لا استطيع الإستيقاظ الآن انا جد تعبة
- لا يجب ان تستيقظي سأذهب لأبحث عن يارا
-طيب، ربما تكون قد خرجت للحقل
-نعم سأخرج للبحث عنها لنتناول الإفطار و و نتوجه بعدها للجبل.

اقتباس :

اقتباس :

الجزء الثالث

:
في جهة اخرى من القرية كانت الحقول ممتلئة بالمزارعين الذين يستيقطون مع آذان
الفجر ، كل منهمك في عمله ، كان الجو رائعاَ يساعد على العمل بحيوية ونشاط، فكان البعض ينقي الحقول من الاعشاب الضارة ، و اخر يعمل على جني نوع من الفواكه الناضجة ، و اخر يقوم بوضع الدواء للمحاصيل لكي لا تتضرر من بعض الحشرات الطفيلية....كما ان هناك من خرج فقط ليتمتع بنزهة لأن اليوم يوم عطلة و هو ايضا اول يوم تختفي فيه السحب لتعلن عن رحيل الشتاء و دخول الربيع بعبيره الشدي، و منهم من توجه للنهر ليستمتع بصيد السمك و بمياهه المتلئلئة تحت اشعة الشمس الدافئة.
كان الكل مستمتعا بجمال تلك القرية الرائعة و لم يكن لاحد ان يتوقع حدوث امر قد يقض ذلك الهدوء و قد يفسد ذلك الجمال، في هذه الأثناء كانت إحدى الفتيات تنظف بعض البذور في النهر و تعمل على إزالة الشوائب منها و إذا بها تلمح شيئا يطفو على سطح الماء و ليس ببعيد عنها و كلما زادت من تحريكها للماء بواسطة الغربال يزيد إقترابه اكثر فأكثر ، في بادئ الامر لم تعره إهتماما ،ظنته قد يكون قميص احدهم فقده في النهر، او ان الرياح حملته من فوق سلك للنشير لتوصله إلى هناك ، لكن سرعان ما بدأ الفزع يسري في داخلها لأنها إكتشفت انه ليس مجرد قماش بل تظهر قربه يد بشرية ايضا او ربما فقط
تتخيل؟؟؟
لا لم تكن تتخيل بإقترابه تاكدت من انه ليس تهيئا، و اطلقت صرخة هز لها سطح المياه، فإستغرب كل من كانو بجانب النهر، و اسرع الكل نحوها ظنا منهم انها رأت افعى في الماء او تمساحا او ما شابه، لكنهم لم يتوقعو انها ما افزعها قد يكون إنسانا، فهذا لم يحدث قبلا في قريتهم، لذا فهو جد مستبعد، و صلوا إليها، و بصوت جماعي:
-مابك ماذا هناك ؟؟

الجزء الرابع:

لم تستطع الكلام بل اشارت بيدها لذلك الشيء الذي تراه و لم تنطق بكلمة لكن عيناها كانتا توحيان بفزعها وخوفها،
هناك من إستغرب من خوفها من قطعة قماش و قرر العودة من حيث اتى لكن قبل ان يتحرك أي شخص صرخ احد الشبان: إنها جثة....
حينها علت الدهشة كل الوجوه و تعالت صرخات النساء و احاديث الرجال الكل يتساءل جثة ؟؟؟ كيف لا يمكن ؟؟؟ والكل في ذهول دخل الشاب للماء و قام بسحب الجثة التي لم تكن بعيدة جدا للخارج، هناك علت الصرخات اكثر و البكاء و النحيب، لأنه بمجرد رؤيتهم لها الكل عرف من تكون عرفو انها جثة ارق و اطيب إنسانة في القرية ، التي احبها الجميع، واحتلت قلب الكل بطيبتها و جمالها وسعة خاطرها، إختلطت المشاعر بين التساؤلات والإستغراب و الحيرة ، الكل يتساءل عن سبب هذا القدر، لكن لا احد يعلم السر، و الكل حزين لهذا القدر لكن لا احد يمتلك الحل.
الكل يفكر كيف ستكون ردة فعل اختيها و اخيها بعد معرفتهم للأمر ؟؟
و هم ينظرون لجثتها المستلقية امامهم كانت لا تزال جميلة كعهدها و لم تزدد بشرتها إلا بياضا و كانها ليست ميتة و كأنها نائمة فقط .
الكل يتاسف ويتحسر عن فقد القرية لاميرة جميلة مثلها، و يملء الأسى قلوبهم من اجل اهلها الدين تجهل للآن ردة فعلهم ، فالحادثة لن تكون سهلة عليهم ابدا، و الكل على تلك الحال من بكاء و إستغفار و تساؤلات و كلمة 'إن لله و إن إليه راجعون'،إذا ببحث سامي عن اخته يوصله إلى النهر ظنا منه انها تكون قد توجهت للنهر لتغسل شيئا هناك لكن ، توقعه الاول كان صائبا هي فعلا توجهت للنهر لكن ليس لما ظنه.
وجد الناس مجتمعون في موقع قرب النهر فلم يمنعه فضول الصبي داخله في ان يلقي نظرة على سبب تجمعهم، كان يريد ان يلقي نظرة من بين الجموع و يغادر لإتمام البحث عن اخته لكنه بمجرد وقوع عينه على الجثة، سقط على ركبتيه و لم يقم بعدها ابدا فقد كانت الصدمة قوية حتى جعلته يصاب بالشلل طوال العمر.

منقول للأمانة